قصة البلجاء الخوارزمية المجاهدة الصابرة
لقراءة الموضوع مترجم للإنجليزية من هنا
البلجاء الخوارزمية ، هي من بني حرام أو خزام بن يربوع
بن حنظلة بن مالك بن زيد بن تميم ، امرأة مجاهدة مشهورة بالورع والزهد إعتبرها
المبرد من المجتهدات المجاهدات الصابرات وعدها الجاحظ من الناسكات العابدات ومن
أهل الفصاحة والبيان ، ومن النساء المذكورات في الزهد والرياسة .
روي أبو العربي
التميمي في كتابة المحن بسنده قال ، لما أمر عبيد الله بن زياد بالبلجاء أن يمثل
بها جاء الذي يلي منها ومعه الحديد والحبال ، فقالت إليكم أتكلم بكلمات يحفظهن من
سمع بهن ، قال فحمدت الله وأثنت عليه ثم قالت هذا أخر أيامي من الدنيا وغير مأسوف
عليه وأرجو أن يكون أول ايامي من الأخرة وهو اليوم المرغوب فيه ، ثم قالت والله ان
علمي بفناءها هو الذي زهدني في البقاء فيها وسهل علي جميع بلواءها فلا أحب تعجيل
ما أخر الله ولا تأخير ما عجل الله .
وعن عبد الملك
بن قريب ابي سعيد الأصمعي قال ، حدثني رجل أدرك ذاك قال لما أوتي بها إلى بن زياد
يعني البلجاء أمر بها فقطعت يداها ورجلاها ، فما نبست بكلمة ، قال فأوتي بنار
لتكوى بها فلما رأت النار صرخت ، فقال لها قطعت يداكي ورجلاكي فلم تنطقي بشئ ،
فلما رأيت النار صرخت من قبل أن تدني منك ، فقالت ليس من ناركم والله صرخت ولا على
دنياكم والله أسفت ولكني ذكرت بها النار الكبرى فكان الذي رأيتم من ذلك ، قال فأمر
بها فثملت عيناها ، فقالت اللهم قد طال في الدنيا حزني فأقر في الأخرة عيني قال ثم
خمدت .
وروي عن ابي البختاري يقول لما مثل بالبلجاء جعلت تعزي نفسها بالقرأن وتقول : وما صبرك الا بالله ولإن صبرتم لهو خير للصابرين ، ثم قالت لإن كنت على بصيرة من أمري إن هذا لقليل من جنب ما أطلب من ثواب الله ، وروري أيضاً أن غيلان بن خرشة الضبي لقي أبي مرداس بن حدير فقال له إني سمعت البارحة الأمير عبيد الله بن زياد يذكر البلجاء وأحسبها ستأخذ ، فمضى إليها أبو بلال فقال لها إن الله قد وسع على المؤمنين فتغيبي وإستتري فإن هذا المسرف على نفسه الجبار العنيد قد ذكرك ،
فقالت إن يأخذني فهو أشقى بي فأما انا فأخشى ان يلقى أحد بسببي
مكروها ، فوجه إليها عبيد الله بن زياد فأوتي بها فقال لها إنك حوروية محلوقة
الرأس فقالت له ما أنا كذلك ، فقال لأصحابه لأرينكم منها عجباً أكشفوا رأسها
فمنعتهم فقال لأكشفن أحسن بضعة منك ، فقالت لقد سترته حيث لم تستره أمك ، قال إيه
ما تشهدين علي ، قالت شهد الله عليك ثلاث شهادات بقوله : ومن لم يحكم بما انزل
الله فؤلائك هم الكافرون ، ومن لم يحكم بما أنزل الله فؤلائك هم الظالمون ، ومن لم
يحكم بما أنزل الله فؤلائك هم الفاسقون , فعض لحيته وأنامله غيظاً من كلامها ،
فقام جنده عليها فقتلوها ، فخرج أبو بلال في جنازتها ، قال لو اني اعلم اني ابعث
على ما تبعث عليه لعلمت أني ابعث سويا على صراط مستقيم ، رضي الله عنها وأرضاها .